1

Google

الأربعاء، 16 فبراير 2011

شهوة الكتابة ،،،

عندما دهمتني شهوة الكتابة فجأة في مساء ذلك اليوم حاولت صدها بكل السّبل لعلمي أنها شهوةٌ تجر وراءها وبالاً كبيراً مثلما اشتهى أبونا آدم التفاحة فخرج من الجنة بسببها طريداً. ولكن تلك الشهوة لها أكثر من شيطان واحد وأباليسها كثر كلما ألقمت واحداً حجراً برز لك آخرون من حيث لا تدري فلا تجد أمامك سوى طريقين؛ إما أن تسلم قيادك لتلك الشهوة فتحتنكك شياطينها أو أن تموت.

ولأن شهوة الكتابة ليست من الشهوات الجسدية وإنما هي شهوة تتمحور في الروح فإنها تجعلك تشعر بأكلان في روحك وتمد يدك لتحك مكاناً ما في كيانك لكنك لا تصل إليه بأظفارك فتستمر حالة الأكلان دون أن تجد لها علاجاً ناجعاً سوى أن تمسك بالورقة والقلم وتبدأ بالكتابة.

أما عندما تشرع في الكتابة فإنك حينئذٍ تلقي نفسك في أتون العذاب الحق؛ عذاب الروح التي تحاول أن تنصهر دون أن تندلق وأن تحلّق دون أن تسقط وأن تسبح دون أن تغرق وأن تسافر بعيداً دون أن تنبتّ عن جذورها. هنالك يكون التوازن صعب المنال وتبدأ في الترنح نشوةً أحياناً وألماً أحياناً أخرى والثانية أكثر حدوثاً من الأولى. ولأن الألم يختلط بالنشوة فإن الكثيرين يشبهون الكتابة بالولادة فيقولون "ولدت هذه القصة أو القصيدة في يوم كذا".

والكاتب لا يرضى في الغالب عن ما يكتب وإن فعل فإنه على الأرجح يبدأ رحلة الإنزلاق مَثله كمثل الصوفي الذي يقف رضاه عن نفسه عائقاً بينه وبين الترقي في مقامات الوصل. وحالة عدم الرضا هي الوقود الذي يؤجج في الكاتب الرغبة في السير قدماً والشوكة التي تحرم عليه الاسترخاء.

وعندما تستلم لقدر الكتابة فإنك إنما تصيخ السمع لهمسات روحك ووشوشاتها لتنقلها إلى غيرك من قبيل تقاسم ما تحسه معهم وفتح قنوات ومسالك للتواصل بينك وبينهم تسهم إضفاء سمات أفضل على واقع معاش أو مستقبل مرتجى.

0 تعليقات :

إرسال تعليق